بقلم اطار من مجموعة النضال
الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وبعد : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته إخوة النضال حياكم الله وبارك فيكم وفي جهودكم : أمام هذا التماطل المريب واللامفسر في تنفيذ الحكومة لوعودها وظهور بوادر الرغبة في التـملص من أن يكون الحل شاملا باعتبار أن هذه السنة تشكل حالة استثنائية، وذلك نظرا لواقع الخطاب الجديد الذي أصبحنا نسمعه من مستشار الوزير الأول المكلف بملف المعطلين و الذي لا يبشر بخير، والذي يعكس بوضوح وجلاء مدى الذكاء عفوا الدهاء الذي تتعامل معه الحكومة مع ملف الأطر العليا المعطلة بالرباط، والذي ذكرني بالشعار الذي نرفعه أمام قبة البرلمان التي ينبغي أن تكون برا للأمان لا برا لعدم السكون والاطمئنان ألا وهو : \" لا تيقة في الحكومة لا تيقة في البرلمان \" ، فتزداد بذلك الهوة السحيقة شساعة وفداحة بين أبناء الشعب و ممثليهم في الحكومة والبرلمان، لكن الواقع المرير الذي يتخبط فيه خيرة أبناء الشعب المغربي يقول بأن هؤلاء القوم لا يمثلون إلا أنفسهم وأهليهم وذوي قرابتهم فقد سرت عدوى توظيف المقربين من قلوبهم وجيوبهم وأحزابهم، فهل هذه هي الديموقراطية التي يتشدقون بها ويسبحون بحمدها في أذكار الصباح والمساء، أم أن العيب فينا معشر المواطنين الذي صدقناهم في حملاتهم الانتخابية فصوتنا عليهم لنعيد مع كامل الأسف الكرة فتنكسر مرة أخرى الجرة، ونبكي على حال الضياع، وليس (سنوات الضياع) المسلسل التركي ؟ أمام كل هذا الواقع المرير والمقزز بدأ الملل والتشاؤم يدب في قلوب المعطلين، وبدأت الروح المعنوية في الأفول والتراجع بعد عزم وحماسة كانت تبدوا في العيون متألقة، وبدا الجميع وكأنهم يتنفسون من ثقب إبرة، وعلامة الكآبة ترسم بريشة الحزن على الوجوه أسوء العبارات والتقاسيم... ولعل أعظم البلاء الذي يتعرض له الأطر هو عندما يتصل بأحدهم أحد الوالدين فيسأله هل من جديد ياولدي، واش وظفوكم ولا مزال، فينزل جواب الإبن المعطل بلا النافية كالمعول على الأرض القاحلة التي تنتظر غيث السماء، لا مزال الواليد مكاين والو سلم على الوالدة والى كانت شي حاجة أنا غاد نتصل بكوم . وإنني أذكر ما قاله لي صباح يوم الخميس الفارط بتاريخ 18 مارس أحد الأطر المقربين إلى قلبي أن أباه اتصل به وسأله عن أوضاعه وعن الجديد الذي نحن بانتظاره بفارغ الصبر، وكيف أن الإبن المعطل لم يـجد ما يدخل به السرور على قلب أبيه المكلوم، لكن الأب بالإحساس القلبي والرقة التي أودعها الله عز وجل فيه قال له ما يرفع به روح ابنه المعنوية : ( شوف أولدي راك غاد في الطريق سر على بركة الله ) ، قال لي هذا وعلامات التأثر بادية على محياه والأسى يعتصر قلبه على أبيه الذي لم تعد تفصله عن التقاعد إلا سنة واحدة ، فهل إلى خروج من سبيل؟ إطار آخر اتصل به والده من أعماق البحر الأبيض المتوسط يسأله هل من فرج قريب : فقد أعياه مقود السفية الذي يواجه به أمواج البحر العاتية، كأن في هيجانـها تضامنا ضمنيا مع هاته الأطر المعطلة، ولعل في إيقاع وجرس وقعها على الصخور تنبيه وإعلام بما ستؤول إليه الأوضاع إن ضلت الحكومة المغربية تتعامل مع هذا الملف بهذه البرودة والمماطلة المنقطعة النظير . معطلة أخرى قالت بأنها عندما جاءت إلى الرباط فقد استعدت نفسيا وكيفت نفسها لأسوء الاحتمالات، وهي القادمة من شمال المغرب البعيد،فلم يثنها بعد المسافة وضنك السفر كل أسبوع عن النضال ... ومع ذلك فقد صرحت بأنها مستعدة لقضاء عامين فما فوق، وقد بدت علامات الإصرار والتحدي في عينيها، فقد تعبت من إجراء المباريات تنجح في الامتحان الكتابي لكن الحظ لا يحالفها في الإمتحان الشفوي، - نظرا لما يعرفه واقع المباريات من المحسوبية والزبونية- لذا فقد راهنت على الاحتجاج أمام قبة البرلمان، فهل عندكم من حل فتخرجوه لنا . وقد ذكرني هذا الوضع وهذه المعاناة بالنبي صلى الله عليه وسلم عندما مر بآل ياسر وقد أخرجـهم سادتهم من بني مخزوم إلى بطحاء مكة وتفننوا في تعذيبهم فلم يستطع عليه الصلاة السلام أن يدفع البلاء عن هذه الأسرة المؤمنة وقال لهم صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آل بيته مواسيا (صبرا آل ياسر فإن موعدكـم الجنة ) وصبروا على هذا البلاء المبين حتى أستشهدت {سميه} لما أيقنوا بموعود الله ولما ءامنوا بالفكرة واقتنعوا بها . ويبدوا أن التاريخ يعيد نفسه فما أشبه الحاضر بالماضي وما أشبه اليوم بالأمس، وما أشبه وضعنا بأسرة آل ياسر فهم يتفننون في تعذيبنا وقد أبدعوا في ذلك،فمن العذاب الجسدي إلى العذاب النفسي ومن العذاب النفسي إلى العذاب الجسدي، فمن قال لكم بأن الحكومة المغربية لا تبدع ؟ ولهذا فإني أواسي نفسي وأحبتي بما قاله الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : \"صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة \"، وعلى غرار ذلك أقول : صبرا آل النضال فإن موعدكم الصبح أليس الصبح بقريب، وما ضاع حق وراءه طالب وليس نائم متقاعس . ليس لنا حل سوى الصبر، الصبر على النضال وعلى استفراغ الجهد في اتخاذ الأسباب ومجاراة الواقع لتحقيق المبتغى ونيل المطلوب والمقصود ؟ نعم صبرا آل ياسر على هذا الحق الذي منعنا منه بعد طول اجتهاد وعناء، وبعد أن أكل الزمان منا زهرة العمر ونضارته ، لنجد أنفسنا في آخر الأيام تتقاذفنا شوارع الرباط النظيفة والجميلة وهي تقول لنا طبتم أهلا ونزلتم سهلا ، فتكون بذلك العطالة المغربية من أهم آليات وزارة السياحة لتشجيع السياحة الداخلية ، فلولا الاعتصام أمام البرلمان لما أتيحت الفرصة لكثير من الأطر ليروا مدينة الرباط الرائعة، وليقفوا على معالمها التاريخية القديمة التي لا زالت شهادة على ما وقع في أيامـها من أحداث جسام ومازال يقع من أحداث تكسر العظام وتزيل من على الوجه نبرة الفرح والابتسام ... صبرا آل ياسر على هذا الاستقبال الرائع الذي منيتم به وأنتم تطالبون بحقكم في أن تتاح لكم فرصة تساهمون بها في خدمة هذا البلد والرقي به إلى الأمام...- فنحن لا نطلب الوظيفة من أجل الوظيفة بقدر ما نسعى لان تكون وسيلة نؤدي من خلالها رسالة نساهم بها في بناء الحضارة كل من زاويته وموقع تخصصه، والله عز وجل على ما نقول شهيد- ... هذا الاستقبال الذي حول شارع محمد الخامس إلى ساحة للفناء وليس (ساحة الفنا) المتواجدة بمراكش ، حيث تفنى الأعمار والأموال والأكثر من هذا الصحة التي تعتبر رأس مال الإنسان والتي هي من أعظم نعم الله الكريم الوهاب علينا... وقد سخرت لكم حكومتكم الموقرة للحفاظ على صحتكم وحوشا ضاريا مدربة لا تعرف رحمة ولا شفقة إلا من رحـم ربك وقليل ما هم ، وذلك في الوقت الذي تبدل فيه السيدة ياسمينة بادو وزيرة الصحة جهودا حثيثة من أجل تحسين الوضعية الصحية للمواطنين،كان الله في عونها ..؟ صبرا آل ياسر على نظرات أصحاب السيارات الفارهة القاسية الذين أصبحوا ينظرون إلينا كأننا قطاع طرق وليس أطرا عليا معطلة، فلو وجدوا سبيلا لإقامة حد الحرابة علينا لفعلوا وإن كانوا يشمئزون من تطبيق الشريعة، لكنها في هاذه الحالة تجوز ... وياليت الأمر اقتصر على تلك النظرات بل يتعداه إلى بعض الكلمات الجارحة من أمثال : ( شحال قويتو وكثاريتو بحال الدبان...كان كنتو كتقراو مزيان كراهوم وظفوكم ...) وغير ذلك من عبارات السوء كثير، والتي تعكس مدى القبح والأناية التي تعشعش داخلهم، فكما يقال ما فيك ظاهر على فيك وما خامر القلوب فعلى الوجوه أثره، والقلوب كالقدور تغلي بما فيها ومغارفها ألسنتـها . وينسى هؤلاء أن الكثير من الأطر في الوزارات والذين حققوا نجاحات باهرة في مسيرتهم المهنية قد تخرجوا من كلية فنون الإحتجاج أمام قبة البرلمان، إلا أن الفرق بيننا وبينهم هو فارق المدة التي تقضى في النضال، فهم قضوا في شارع محمد الخامس مدة أقل بكثير مما نقضيه نحن اليوم، لأن الأمور على ما يبدو تسير نحو الأسوء والعياذ بالله . صبرا آل ياسر على هاته العطالة التي تعطينا الوقت وتسلبنا الإرادة، نعم الوقت موجود لكن الإرادة والرغبة في تطوير الذات والرقي بالمهارات الفردية وتحقيق بعض الأهداف الشخصية تبقى مهزوزة بسبب هذه الوضعية التي أصفها بأنها منزلة بين المنزلتين فلا نحن من الأموات ولا نحن من الأحياء، أو كالمرأة المعلقة التي قال فيها الحق تبارك وتعالى : { فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة }، فلا هي مطلقة ولا هي متزوجة، وأقبح وضعية يكون فيها الإنسان هي تلك التي يكون فيها بين أمرين لا يملك أي احد منهما. صبرا آل ياسر على التنقلات الأسبوعية بين الرباط ومسقط الرأس، رغم بعد المسافة وتعب الطريق وأخطارها فحوادث السير كثرت هذه الأيام، لكن لا تقلقوا فالسيد كريم غلاب وزير التجهيز والنقل قد أعد لكم مدونة السير الجديدة التي ستدخل حيز التطبيق ابتداء من فاتح اكتوبر 2010 حيث أكد بأن مشروع مدونة السير الذي صادق عليه مجلس المستشارين ، مشروع متوازن يهدف إلى المحافظة على أرواح وممتلكات مستعملي الطريق وكذا مراعاة ظروف مهنيي قطاع النقل ... فهنيئا لكم بهاته البشارة من المهدي الذي حضر ريتــما يأتي المهدي المنتظر.. صبرا آل ياسر - يا من آثرتم البقاء في الرباط بدل السفر كل أسبوع-، على غلاء المعيشة وقلة ذات اليد فثمن الكراء مرتفع وفاتورة الماء والكهرباء ملتهبة، وثمن الطماطم نافس ثمن الموز هاته الأيام...كان الله لنا ولكم . صبرا آل ياسر على هذا الإعلام المغربي المرئي الذي أجـحفكم حقكم واختار خيار الطي والكتمان وسياسة الإغضاء وكم من حاجة قضاها بالسكوت عنها، واكتفى بجلب المسلسلات التركية والميكسيكية ودبلجتها إلى الدارجة المغربية قصد تبسيط الفهم وتيسير الأمور... بشحال الحولي؟ وقد رأت القناة الثانية أن دبلجة مسلسل أنا المكسيكي إلى الدارجة المغربية يعتبر خطوة جريئة ومتميزة ومبادرة جديدة تخرج قليلا عن المألوف كما جاء في مقالة نشرتها إدارة القناة في مجلتها على الثانية sur la 2 لشهر أكتوبر لسنة 2009 ، وفي محاولة يائسة لإقناع القارئ سعت المقالة إلى إبراز ميزات السلسلة المدبلجة تحت عنوان دروس أنا (النفسية والاجتماعية والفنية). وهنا نطرح التساؤل لماذا لا تملك قناة دوزيم نفس الجرأة لمعاجة ملف العطالة وتخرج بذلك عن المألوف؟،فقد رأينا على سبيل المثال لا الحصر كيف أن قناة الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلامية الأجنبية قد غطت عملية الإفطار الجماعي التي قامت بها مجموعات الأطر العليا المعطلة في رمضان الفارط أمام قبة البرلمان، والتي شاءت الأقدار أن أفطر معهم في ذلك اليوم في محاولة مني لاكتشاف معانات هاته الفئة قبل الالتحاق بصفوفهم ومعايشة الواقع المرير عن قرب وعن كتب . كما نذكر القناة الثانية بأن المسلسلات الميكسيكية ليست وحدها من يعطي الدروس ( النفسية والاجتماعية والفنية)، فمجموعات الأطر العليا المعطلة قد أعطت ولا تزال تعطي أفضل الدروس النفسية والاجتماعية والفنية ، فإذا كان يهمها حقيقة أن تعطي للشعب المغربي نماذج من هاته الدروس فإننا نقترح عليها أن تقوم بإنتاج فيلم تدور أحداثه حول هاته الفئة المهمشة وتكون بطلته معطلة متزوجة قادمة من مدينة بعيدة تشاء لها الأقدار أن تضع وليدها أمام قبة البرلمان فتسميه (نضال)، نضال هذا الابن البار الذي ستدور الأيام ويصبح وزيرا أولا في الحكومة، والذي سيضع من أولى أولوياته القضاء على البطالة بمشاريع عملية وبإرادة سياسية حقيقية، وليس بزقزقة العصافير ... للعلم فحقوق الإنتاج محفوظة، والقانون المغربي يعاقب على السرقة الأدبية . صبرا آل ياسر على فراق أبوين شيخين كبيرين، شاب شعرهما وضعف بصرهما وانحنى ظهرها،وأعياهما المرض، ومصاريف الدواء تقهر الغني فكيف بالفقير... طالما حلما بفلذة كبدهما وقد شب عن الطوق ليرد لهما بعضا من جميلهما وليعتمدا عليه في كبرهما، لكن آمالهما معلقة في السماء حتى يأتي الله بالفتح أو أمر من عنده... صبرا آل ياسر على المقاساة والمعاناة وأنتم ترون حقكم يأكله الأشباح في جنح الليل البهيم،وقد تكاثروا بسرعة البرق .. كأنهم دور الصفيح التي تبنى في الليل خلسة وفي الصباح تجد مدينة الأحلام عفوا الأوهام قد استقرت على عودها... صبرا آل ياسر فكم نرى ورودا بيضاء يانعة نود قطفها لكن دون نيلها عقبات وعقبات... {فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة }. صبرا آل ياسر ... صبرا مجموعة النضال على هذا الواقع المرير ما باليد حيلة {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون}، لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو إذا كان هذا هو الواقع فكيف نتكيف معه ونحوله إلى سعادة ؟ إن الذي بيده مفاتيح السعادة هو الله عز وجل خالق هذا الكون العظيم، السعادة الحقيقية نجدها في الصلة القوية بالله عز وجل، في إيماننا العميق بالله الكريم الوهاب،نجدها في الثلث الأخير من الليل والناس نيام وباب الله ليس عليها زحام، هنالك نعرض حوائجنا على الله ... نجدها في خدمة الآخرين فكما يقول أحد الفلاسفة الفرنسيين ( أكثر الناس سعادة هو الذي يسعى أكثر لإسعاد الناس)... نجدها في استحضار حقيقة هاته الحياة الدنيا هي دار بلاء وامتحان، هي دار إلى زوال إنما هي ومضة فإذا نحن في القبور أجسادا ... إن هاته الوقفات التي ننظمها قرب البرلمان هي عبادة نتقرب بها إلى الله عز وجل، وقد فرحت كثيرا بحديث أخبرني به أحد الشيوخ عندما قال لي هل من جديد في ملفكم يا بني؟ فقلت له لا جديد، فقال لي بأنه قرأ قبل أيام حديثا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه ( انتظار الفرج بالصبر عبادة)، فنحن في عبادة يا سادة، ينبغي أن نستحضر هذه النية حتى لا تتحول عبادتنا هاته إلى عادة، فتكون كل خطوة نـخطوها إلى ساحة البرلمان خطوة إلى باب الله عز وجل ... ويكون كل حرف في شعار نرفعه حسنة بإذن الله... وتكون كل ضربة نتلقاها من أولائك الشباب المفتولي العضلات رفعا للدرجات وتكفيرا للسيئات .. فإذا كان الحجاج يطوفون بالكعبة فنحن نطوف بالبرلمان، وإذا كانوا يسعون بين الصفا والمروة فنحن نسعى بين خصتي شارع محمد الخامس... فهذا حجنا الأصغر ريثـمـا ييسر الله الكريم الوهاب لنا الحج الأكبر، وأنا عند ظن عبدي بي وما ذلك على الله بعزيز وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه العزير { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}، { واصبر وما صبرك إلا بالله}.و السلام عليكم ورحمة الله . وحرر صباح يوم الجمعة 19 مارس 2010 والله ولي التوفيق
0 commentaires:
إرسال تعليق