بين يدي الفرج... شهادة حق

بقلم إطار من مجموعة النضال: mo3atalana@hotmail.com
الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وبعد :السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته إخوة النضال : لقد دفعني لكتابة هاته السطور شعور جميل بأن الفرج قد لاحت بشائره وبأن ظلمة الليل الكالحة ستنجلي عما قريب بحول الله وقوته، وليس بيننا وبين شروق شمس التوفيق والنجاح إلا صبر ساعة، ونبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام علمنا أن نكون متفائلين فقال : " تفاءلوا بالخير تجدوه "... نعم لقد خفت أن تمر هاته الأيام سراعا أو أن يلتحق عبد ربه بالدار الآخرة دون أن ننزل الناس منازلهم ودون أن نعترف لذوي الفضل بفضلهم ... إن من أعظم نعم الله عز وجل علينا في هاته الحياة الدنيا نعمة التعارف والتحاب فيه سبحانه،القائل في كتابه العزيز{وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا } مع ما تحمله كلمة التعارف من معاني الإطلاع على منجزات الآخرين والاستفادة من تجاربهم وتبادل الخبرات ...إن هذه التجربة المتواضعة التي خضناها في مجموعة النضال لاشك أننا استفدنا منها الكثير، وتعرفنا فيها على وجوه طيبة مباركة ارتحنا لها لأول وهلة وسعدنا بمعرفتها وصحبتها، وعلى ثقافات متعددة و شخصيات متنوعة طالما رأيت فيها سنة من سنن الله عز وجل في هذا الكون {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة}، كما رأيت فيها مظهرا فريدا من مظاهر قدرة الله الخالق على الإبداع فلكل واحد منا شخصيته الخاصة وملامحه التي تميزه عن غيره ونبرة صوته التي لا يشاركه فيها غيره ... بل ولكل منا مشيته الخاصة حتى إنه باستطاعتي أن أتعرف على السيد الكاتب العام عادل لعزاوي بارك الله في جهوده ووقته من مسافة بعيدة عن طريق مشيته المميزة والفريدة . وفي مقام الاعتراف بالشكر والجميل فإني أحيي أعضاء المكتب عاليا على ما يبدلونه من جهود حثيثة يضحون فيها من وقتهم الخاص ... وقد رأينا صباح يوم الخميس كيف أن آثار الإرهاق وقلة النوم بادية على وجوههم بسبب تواجدهم في موقع المسؤولية لساعات متأخرة من الليل وفي ظروف مناخية جد قاسية بمستعجلات ابن سينا بالرباط رفقة إخوانهم المعطوبين من المعطلين ضحايا التدخل الأمني العنيف الذي أسفر عن إصابة إطارين بكسور بالغة الخطورة... وذلك في الوقت الذي كان فيه معظم الأطر نائمون ملئ أجفانهم ودفئ البيت يحفهم عن أيمانهم وعن شمائلهم وفي مقدمتهم كاتب هاته السطور ... وبهذه المناسبة فإنني أريد أن أقيم الميزان الرباني الذي يضبط العلاقة بين المكتب وكافة أطر المجموعة، فالعلاقة التي ينبغي أن تسود هي علاقة الاحترام والتقدير المتبادل، ولا يمكن لهاته الأخيرة أن تقوم على أساس صحيح إلا إذا أدى كل واحد منا واجبه على أكمل وجه ووجه الخطاب لنفسه قبل أن يوجهه لغيره وتجنب لغة الاستفزاز، أما اتباع سياسة تصيد الأخطاء والاصطياد في الماء العكر فهي سلوك منحط ولا يعبر عن النضج الفكري الذي ينبغي أن نكون عليه .وأنا أحمد الله رب العالمين الذي أعطى لعين الإنسان وظيفة أخرى إلى جانب وظيفتها الأساسية، ألا وهي التعبير عما يجول في داخل الإنسان، فمثلا الذي يتصيد أخطاء المكتب من أجل الانقضاض عليه وباش يدير العصا في رويضة فإن هاته العصا تظهر في عينيه كالبدر ليلة التمام، وفي المقابل فإن من يوجه ملاحظاته وتوجيهاته للمكتب ويكون الهدف منها هو مصلحة المجموعة فإن حسن نيته وصدق غيرته على هاته المجموعة تظهر في عينيه، وتتلقاها العقول السليمة والفطر النقية بالقبول . كما تظهر أمور أخرى في عين الإنسان ليس هذا مجال تفصيلها ومناقشتها . وخلال تواجدي بهاته المجموعة التي لها من اسمها حظ ونصيب طيلة الأشهر السابقة، فقد أثارت إحدى الشخصيات انتباهي وفضولي وشجوني والتي وقع عليها الإجماع من طرف كافة الأطر والتي لا يختلف فيها اثنان ولا يتناطح فيها كبشان كما يقال، هذه الشخصية هي شخصية الأخ الفاضل : "يدر بربوش" وزير مالية المجموعة الناجح، والذي يعد بحق ظاهرة ينبغي الوقوف عليها بالدراسة والتحليل واستخلاص الدروس والعبر، وبالتقدير والإحترام في آن واحد، وقد يرى البعض في كلامي نوعا من المبالغة والتضخيم، أو دعاية مغرضة لجهة معينة، والحق أن من سيتبادر إلى ذهنه مثل هذا الكلام لا يعرف جيدا شخصية هذا الشاب المحبوب والمقبول وهو معذور في ذلك ... فمن جهل شيئا لم يدرك قيمته؟وفي المقابل أنا على يقين تام بأن العديد من الأطر يتفقون معي تمام الاتفاق فيما ذهبت إليه واقتنعت به وأحسست به . ولعل الجميع يذكر الجمع العام الثاني الذي عقدته المجموعة من أجل إعادة انتخاب أعضاء المكتب كيف أن الجميع صوت لصالحه ولم يجرؤ أحد على أن ينافسه منصب أمين مال المجموعة، لأن النهاية المأساوية لهذا المرشح كانت ستكون واضحة وضوح الشمس في كبد السماء...ثم إنني لازلت أتذكر ما قاله أحد الأطر يومها في مداخلته : " مغاديش ناقش التقرير المالي لأنه مدارش "،وأقول له بأنك تسرعت في الكلام وإصدار الأحكام واللسان ما فيه عظم وبأنك لو كنت تعرفه حق المعرفة لما قلت ما قلت... وبأنك ستكون محروما ومغبونا إذا مرت الأيام سراعا نحو الهدف المنشود وتفرق كل واحد منا إلى حال سبيله ولم تحظ بمعرفة وصحبة هذا الشاب...ثم إن الذي يظهر لي أنه "مدارش" هو قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لسيدنا علي بن أبي طالب : عليك بمعرفة الصالحين فكم من معرفة في الدنيا بركة في الآخرة ... نعم إن هاته الوجوه الطيبة المباركة التي حظينا بشرف التعرف عليها سنرى تجليات وبركات معرفتها في الدار الآخرة التي نقترب منها يوما بعد يوم ... وقد يقول قائل كيف ذلك؟ ...أقول له غدا تعرف ذلك... ولهذا فإن التساؤل الحقيقي والجوهري الذي ينبغي أن يطرح في هذا السياق، _ والذي طرحه الكثير من الأطر على أنفسهم_ وسأتحمل عبئ الإجابة عليه هو: ما سر هذا القبول الذي يتميز به الأخ الفاضل أمين المال والذي لم يسبق لي في حياتي أن رأيت مثله؟ ولعل الإجابة على هذا التساؤل هي المفتاح للوقوف على سر هذه الشخصية المتميزة، وبالتالي النسج على المنوال والاستفادة من تجارب الآخرين .بداية أقول بأن الفضل يرجع لله عز وجل الكريم الوهاب ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : "إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل، فقال: إني أحب فلاناً فأحبه، قال : فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلاناً فأبغضه قال: فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه، قال: فيبغضونه ثم يوضع له البغضاء في الأرض".فأخونا يدر قد أحبه الله لأخلاق حميدة ترسخت فيه حتى غدت على سبيل الفطرة والسجية لا التكلف، ولعل في طليعة هاته الأخلاق نجد ابتسامته الجميلة التي تعلو محياه كلما حياه أحد من الأطر، فهمه في قلبه لا يعرفه إلا الفرد الصمد وبشره في وجهه لا يحبسه عن أحد، وكذلك نجد سعة صدره وخفة ظله فهو لا يرد لأحد طلبا ولا يمل من خدمة الآخرين وشعاره كما لاحظت وتلاحظون " مرحبـــــــــا" ، هاته الكلمة التي ما فتئ يرددها كلما تقدم إليه أحد الأطر بطلب ما ... فتنزل بردا وسلاما على المتلقي وتشعره بأن الخير لا يزال في هذه الأمة وبأن أولاد الناس مزالين ...كما أنه لا يعرف شيئا اسمه " القباحة " فمن عاشره عن قرب يرى كيف أن قلبه يسع الجميع ويحب الجميع كيفما كانت تلاوينهم وأطيافهم ومرجعياتهم فهو عالمي في حبه صادق في معاملته أمين على أموال المجموعة ... لطالما اعتبرته هبة من الله عز وجل لمجموعة النضال .وإنني لأذكر بجلاء كيف أنني عاينت خلقا فيه لا يقدر عليه إلا الأنبياء والراسخون في العلم الذين أخرجوا الدنيا من قلوبهم ونظروا إليها بعين الفناء لا بعين البقاء،ألا وهو مقابلة الإساءة الشديدة بإحسان، فقد ارتكب أحد أصدقائه في حقه خطئا فظيعا لا يمكن لأي واحد منا لو كان بدل الشاب يدر أن يحتمله، لكنه مع ذلك بدا متماسكا ويدعوا له بالهداية وابتسامته الجميلة لم تغادر محياه...حينها أحسست بالخشوع ينتابني لجلال الموقف وترقرقت الدموع في عيني ولولا الحياء ممن كانوا حولي لتركت لها العنان لتكون كل قطرة منها بمثابة إبرة حادة تنبه قلبي الغافل وتقول له لو كنت مثله لفعلت مثل الذي فعل ... فلو استمعت لألف محاضرة في مقابلة الإساءة الشديدة بالإحسان لما أثرت في نفسي مثل هذا المثال العملي من هذا الشاب التقي النقي ....إن شخصية هذا الشاب لطالما ذكرتني بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " المؤمن لين هين سهل "، هذه هي ملامح شخصية المؤمن الحقيقية والتي تحمل في طياتها مبدأ المرونة، هذه هي الشخصية القوية وإن كان الكثير منا يفهم هذه الأخيرة فهما حرفيا ينأى به عن المعنى الحقيقي، فالشخص القوي هو الذي ينتصر بداية على هوى نفسه ونزغاتها، ويؤدبها بسوط الأخلاق، وبالتالي فأي شخصية يشار إليها بأنها شخصية قوية ولم يكن لها حظ من الانتصار على النفس وكبح جماحها هي شخصية قوية صورية وليست حقيقية، لأنه يا سادة بكل بساطة من لا يقدر على التحكم في ذاته وتصرفاته وانفعالاته يصبح أسيرا لها ومتى كان الأسير قويا ... دون هذا المقام عقبات {قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها} . وليعذرني إخوتي الأطر المتخصصون في علم النفس إن تطاولت على تخصصهم لكنني هكذا فهمت المسألة، وإن كانت لديهم رؤية مغايرة للمسألة فمرحبا بتعليقاتهم وتوجيهاتهم، وأنا أقول دائما بأن أي إبداع مهما علا وارتفع إذا حرم نعمة النقد البناء والتوجيه يوشك أن ينهار ويقع. وقد ذكرتني هاته الأخلاق الحميدة التي يتميز بها أخي الفاضل "يدر بربوش" بما قاله الفرزدق في حق الإمام زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنه في قصيدته المشهورة :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته **** والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم **** هذا التقي النقي الطاهر العلم
ينمي إلي ذروة العز التي قصرت ** عن نيلها عرب الإسلام والعجم
يغضي حياءا ويغضى من مهابته *** فما يكلم إلا حين يبتسم
ينجاب نور الهدي من نور غرته ** كالشمس ينجاب عن إشراقها الغيم
حمال أثقال أقوام إذا فدحوا *** حلو الشمائل تحلو عنده نعم(مرحبا)
كلتا يديه غياث عم نفعهما *** يستوكفان ولا يعروهما العدم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره *** يزينه اثنتان : الحلم والكرم
لا يخلف الوعد ميمون بغيبته ***رحب الفناء أريب حين يعتزم
لا ينقص العدم بسطا من أكفهم *** سيان ذلك إن إثروا وإن عدم
واما قال لا قط إلا في تشهده *** لولا التشهد كانت لاؤه نعم
فليس قولك: من هذا بضائره *** العرب (النضال) تعرف من أنكرت والعجم
واسمحولي أن أكون فرزدق الأخ يدر بربوش بأبيات متواضعة كتبتها فيه فقلت :
يـافرحـتي يا بهـج نفسي أخي يدر غدا كامل الإيمان
طلق الدنيا ثلاثا وودعهـا فغدا بالأخلاق ثابت الأركان
ولسان حاله ينشد فرحـة أنعم بالأخلاق من عنوان
ففي الأخلاق فوائد جمـة عاشها بل ذاقها كـل كيان
قبول في الأرض وتفريج هم وراحـة بـال مـع اطمئنـان
وسكينة في القلب تسـري جاء ذكـرها في محكم القرءان
وروح بـحب الخـير تحـيا وتربوا بجميل العفو والإحسان
فـبارك اللـهـم شـابـا قـــــد بـدا مثـمرا يـافـع الأغـصـان
صلى إلهي على النبي وءاله حب قلبي المصطفى العدنان
وختاما ينبغي التنبيه إلى نقطة من الأهمية بمكان وهي أن البعض قد يرسم عن الأخ يدر سورة مثالية... والحق أنه يبقى بشرا ومن أهم الخصائص التي أودعها الله عز وجل في البشرية الضعف والخطأ...فإذا ما أخطأ يوما ما أو قصر فهو بشر يعتريه الخطأ وحسناته الكثيرة والمتعددة تشفع له ... فينبغي أن نزن الناس بحسناتهم وسيئاتهم ... والأصل الذي ينبغي أن يكون عليه الإنسان هو حسن الخلق ثم يأتي الخطأ والتقصير شيئا عارضا في حياته...لكن المصيبة يا سادة هي أن تنقلب الآية فيصبح الأصل في الإنسان هو سوء الخلق ثم يأتي حسن الخلق أمرا عارضا مقصورا على بعض الأماكن ومحصورا في بعض الأوقات ... وإذا أدنتم لي في تلخيص هاته الشهادة في حق هذا الشاب فإنني أقول في جملة واحدة : أعقمت أرحام النساء أن تلدن مثله . والله ولي التوفيق

0 commentaires:

إرسال تعليق

حوار الاطر العليا المعطلة